الحوراني يناقش السياسات والوسائل المطلوبة لإنعاش سوق عمان المالي

21-كانون الأول-2017

تحت رعاية دولة رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي عقد ملتقى طلال أبوغزالة المعرفي صباح اليوم ندوة حوارية عالية المستوى لمناقشة  السياسات الاقتصادية والوسائل المطلوبة لإنعاش سوق عمان المالي، بمشاركة رئيس هيئة الأوراق المالية محمد صالح الحوراني، ورئيس مجلس إدارة بورصة عمان الدكتور جواد العناني، ورئيس مجلس إدارة مركز إيداع الأوراق المالية محمد سعيد الحمامي، ومراقب الشركات رمزي نزهة، ومدير جمعية البنوك الدكتور عدلي قندح، باستضافة الدكتور طلال أبوغزالة، وحضور عدد من الخبراء الاقتصاديين والماليين والباحثين والأكاديميين والمهتمين بالسوق المالي.
وقدم رئيس هيئة الأوراق المالية محمد صالح الحوراني ورقة عمل حملت عنوان ( سوق الأوراق المالية: واقع وتطلعات)، ناقشت عدة محاور أهمها: أسباب تراجع أداء السوق المالي، والآثار السلبية للصدمات الاقتصادية الإقليمية والدولية والأمنية على الاقتصاد الوطني وعلى السوق المالي والإجراءات والسياسات  التي اتخذتها هيئة الأوراق المالية بهذا الصدد وبعض المقترحات لتطوير السوق وجعله أكثر تنافسية وقدرة على مواجهة المخاطر والأزمات التي تعرض لها أو قد يتعرض لها مستقبلاً. 
واستعرض الحوراني آثار هذه السلبيات على السوق من هبوط الرقم القياسي لأسعار الأسهم وانخفاض القيمة السوقية لأسهم الشركات المتداولة، وهبوط المعدل اليومي لحجم التداول، وانسحاب الاستثمار المؤسسي إلى البورصات الإقليمية المنافسة. ونتيجة للعوامل السابقة، وعوامل أخرى ذات صلة بواقع الاقتصاد الكلي والتطورات الإقليمية المحيطة، انخفض تصنيف السوق المالي الأردني من قبل مؤسسة مورجان ستانلي إلى سوقٍ نامٍ بعد أن كان سوقاً ناشئاً.
وعزا الحوراني أسباب تراجع أداء السوق المالي إلى الصدمات المتلاحقة التي تعرض ويتعرض لها الاقتصاد الوطني مثل: الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية نهاية 2008، وتداعيات الربيع العربي مع بداية 2011، واستمرار الاضطرابات الأمنية والسياسية في المنطقة وآثارها على الاقتصاد الوطني، والتي انعكست على أداء أساسيات الاقتصاد الوطني من حيث هبوط معدل النمو الاقتصادي، والارتفاع في مستويات عجز الموازنة العامة للدولة، مدفوعاً بتفاقم بمستويات المديونية العامة مقابل انحسار تدفق الاستثمار الأجنبي بشقيه المباشر، والموجه للسوق المالي، وهو ما تسبب في تراجع السيولة والتسهيلات الائتمانية الموجهة للسوق، والتوجه نحو التحصيل النقدي والاستثمارات قليلة المخاطر، وهذه السياسات بدورها أثرت سلباً على المراكز المالية للشركات المساهمة العامة بما فيها المدرج أسهمها في السوق المالية وتعثر عدد كبير منها، كما تأثرت بطبيعة الحال المراكز المالية لشركات الخدمات المالية.
ومن الأمور الأخرى المؤثرة سلباً على السوق المالي هو عدم منح قانون ضريبة الدخل الحالي مميزات ضريبية للمستثمرين في الصكوك الإسلامية وصناديق الاستثمار المشترك بل إنه يمنحها فقط للمستثمرين الأفراد مشجعاً بذلك الاستثمار الفردي على حساب الاستثمار المؤسسي الأمر الذي أضعف تنافسية بورصة عمان مقارنة ببورصات المنطقة التي تهتم بالاستثمار المؤسسي وتمنحه تسهيلات ومميزات لاجتذابه لأهميته الكبيرة في كفاءة الأسواق المالية ودوره الكبير في ثباتها ومحافظته على توازنها في مواجهة الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية. 
وعن العوامل الأخرى التي اعتبرها الحوراني من معيقات أو الكوابح التي تحد من نشاط وأداء السوق المالي أكد أن مسار السيولة القائم وهيكل كلف التمويل القائم لايخدم استثمارات القطاع الخاص والشركات العاملة في السوق، فالبنوك تفضل الاستثمار في الأدوات المالية الحكومية، وتتردد في منح التسهيلات للاستثمار في السوق، أو قد تمنح تهسيلات في بعض الحالات لكن مقابل كلف مرتفعة جداً.
ولخص العوامل الأخرى التي أثرت سلباً على أداء السوق بعدم وجود قواعد حوكمة إلزامية للشركات، وعدم توفر أدوات استثمارية جديدة في السوق، والتأخر في إصدار قانون الشركات، والتأخر في إصدار قانون الإعسار، بالإضافة إلى توجيه الإصدارات الحكومية من السندات والصكوك للبنوك وليس للأفراد.  
ووواصل الحوراني قوله، بأنه أمام هذا الوضع كان لا بد من إعادة تمتين البيت الداخلي لمؤسسات سوق رأس المال مشيراً إلى الإجراءات التي اتبعتها الهيئة في هذا الجانب والمتمثلة بأمرين رئيسيين الأول يتعلق بتطوير الإطار التشغيلي المعمول به في مؤسسات سوق رأس المال ليغطي كافة مراحل دورة حياة الأوراق المالية من إصدار وتسجيل وتداول وإفصاح وإتمامه ضمن بيئة إلكترونية آمنة وعادلة وشفافة، وإطلاق العديد من الأنظمة الإلكترونية أبرزها نظام الإفصاح الإلكتروني ومشروع الترخيص الإلكتروني، حيث يتم حالياً الارتقاء لإدخال نظام إفصاح معروف دولياً بـ XBRL  ونظام تداول إلكتروني معروف بـ UTP-Hybrid وهما يجاريان ما هو موجود في الأسواق المالية الدولية المتقدمة، والأمر الثاني يتعلق بتطوير الإطار الرقابي والتشريعي وفق أفضل المعايير الدولية الصادرة عن المؤسسات الدولية وبشهادة خبراء البنك والصندوق الدوليين ضمن تقييمهم الدوري المعروف بـ FSAP، كما تم إصدار قانون جديد للأوراق المالية لتشجيع إنشاء صناديق الاستثمار المشترك وصناديق المؤشرات، وتحويل بورصة عمان إلى شركة مساهمة عامة، ونقل الصلاحيات الخاصة بمراقبة الشركات المساهمة إلى الهيئة، ووضع السند القانوني لإصدار قواعد حوكمة ملزمة للشركات، وتم إصدار العديد من التعليمات والأنظمة والتشريعات الهادفة إلى حماية المستثمرين والوسطاء، والتحكم في المخاطر وإدارتها، فضلاً عن تحفيز وتشجيع وتنشيط الاستثمار في السوق عبر تعليمات تداول أسهم الشركات غير المدرجة لمنح الفرصة لمساهمي هذه الشركات للتداول في أسهم هذه الشركات من خلال الوسطاء وفي منصة خاصة بها.
كما أصدرت الهيئة تشريعات أخرى لعل من أبرزها تعليمات إصدار إيصالات إيداع الأوراق المالية لإتاحة الفرصة للشركات الأردنية المشاركة بإيصالات الإيداع الدولية وإدراجها في البورصات الأجنبية، وإصدار التشريعات المنظمة لكافة مراحل حياة صكوك التمويل الإسلامي، كما تم التعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بإصدار خارطة طريق لتطوير سوق رأس المال غطت عبر سبعة محاور و80  إجراءاً مقترحاً كافة الترابطات الأفقية والعمودية للسوق مع التشريعات المنظمة للقطاع المالي، بالتعاون والتنسيق مع كافة الأطراف ذات العلاقة من مؤسسات حكومية وغير حكومية مثل شركات الخدمات المالية.
واختتم الحوراني حديثه باستعراض بعض الخطط والإجراءات المستقبلية التي سيتم اتخاذها للنهوض بسوق رأس المال الوطني بالتعاون مع بورصة عمان تتمثل بمواصلة الجهود لرفع تصنيف البورصة من سوق مبتدىء إلى سوق ناشىء، واستكمال الإجراءات لطرح أسهم شركة البورصة على المساهمين والشريك الاستراتيجي، واستكمال إجراءات نقل المهام والصلاحيات التنظيمية والرقابية للشركات المساهمة للهيئة، وتطبيق نظام رقابة وتداول جديدين، وإصدار مؤشرات جديدة من خلال شركة عالمية متخصصة، واستراتيجية لتوعية المستثمرين والاستثمرار في تطوير الموقع الإلكتروني للهيئة والخدمات المقدمة خلاله، بالإضافة إلى استكمال إعداد بعض التشريعات المتعلقة بصناديق الاستثمار المشترك والترخيص وصندوق حماية المستثمرين وتعامل شركات الخدمات المالية في البورصات الأجنبية.
وأوصى في نهاية ورقة العمل بضرورة اتخاذ بعضاً من الإجراءات التي ستساعد على إنعاش السوق المالي مثل: إعفاء الأرباح والتوزيعات، وأرباح المتاجرة بالأوراق المالية لصناديق الاستثمار المشترك من ضريبة الدخل، وإدراج بعضاً من أسهم الشركات المملوكة للحكومة في السوق المالي، وضرورة الإسراع في إصدار قانون الشركات وقانون الإعسار والإفلاس، والتوسع في توجيه جزء من الإصدارات الحكومية والصكوك الإسلامية لأدوات الدين العام مثل: السندات إلى الأفراد وإدراجها في البورصة وحث البنوك وصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي وشركات التأمين وصناديق الادخار المختلفة لتشجيع الاستثمار المؤسسي من خلال إنشاء صناديق الاستثمار المشترك فيها. 
ولتسهيل عملية إصدار الصكوك الإسلامية والتسريع فيها، اقترح الحوراني توحيد المعايير الفقهية المنظمة للتعامل بصيغ الاستثمار الإسلامي وتحديداً صيغ صكوك التمويل الإسلامي من خلال إنشاء هيئة رقابة شرعية عليا، واقترح كذلك إنشاء محكمة متخصصة بالقضايا الاقتصادية والمالية لتسريع التقاضي. ولحماية صغار المستثمرين، أكد على ضرورة إدخال مبدأ التصويب التراكمي على قانون الشركات، كما اقترح تأسيس شركات مستقلة للأبحاث والدراسات المتخصصة توفر لعملائها من المستثمرين المعلومات والدراسات عن الأسعار العادلة لاسهم الشركات، بالإضافة إلى تحفيز الشركات العائلية والمشاريع الفردية إلى التحول إلى شركات مساهمة لإدراجها في السوق المالي، وإلزام الشركات المساهمة على إنشاء علاقات مساهمين بحيث يستطيع المساهم الاستفسار عن أمور الشركة في أي وقت.